Jan 01

التفكير على مقياس السنين يعطيك أفقاً أوسع وأكبر للنظر لحقيقة الأمور وإلى اتجاه حركتها والتعرف على مستقبلها … السنين تجعلك تستطيع أن تنظر للصورة الكبيرة التي تضيع بلا شك في زحمة الحياة اليومية ومتطلبات الازمات العاجلة … وهذه التدوينة دعوة مني لكل الأعزاء المعنين بالتأمل في واقع قريتنا اليومي والذي من أبرز ملامحه على الصعيد الاجتماعي حسبما أرى هو ضياع أهمة قيمة لدينا وهي قيمة “الشراكة الاجتماعية” واستبدالها بقيم أخرى غير صالحة من قبيل “القيادة الرشيدة” أو “الحميدة” أو حتى “الحكيمة” كما يسميها البعض أو ممارسات أثبتت فشلها كإلغاء الانتخابات وكبت أي محاولة للنقد والنصح، هذه القراءة أعتقد إنه من الممكن الوصول إليها من خلال العبور من خلال المحطات الاجتماعية الآتية:

 

نادي المعامير … الصراع الاجتماعي هو الغالب

قبل ثلاث سنوات، وتحديداً مع مشاركتي في انتخابات والرياضي بدأت ألمس بشكل واضح حجم التعقيدات الاجتماعية التي تجلت على شكل صراع مستميت للوصول إلى إدارة النادي وصل إلى توجيه الاتهام حينها ببطلان الانتخابات … كان الخطاب يبطن التحدي وكانت الدعوة إلى الحكم ببطلان الانتخابات محاولة لفرض ما لم تقره أصوات الناس … كنت حينها مقبلاً بروح “الشراكة الاجتماعية” وإذا بي أصطدم بواقع “الصراع الاجتماعي” والذي يرى المنخرطين فيه أحقيتهم لبعض الامتيازات لما يرونه في أنفسهم من رشد وأهلية وصلاحية للقيادة … هذا “الصراع الاجتماعي” ساهم فعلا في إحباط الدافعية لدى العاملين في النادي إدارةً ولاعبين بمقدارٍ يصعب قياسه بمقياس الأيام … ولكن بالنظر إلى مقياس الثلاث سنوات الفائتة فالنتائج جداً واضحة.

الصندوق الخيري … والقيادة الرشيدة

بعد فترة قليلة من الزمن، أعلن فتح الباب للدخول في إدارة ليتجدد ما كان يتجدد في كل مرة …ضعف إقبال الناس على المشاركة في ترشيح انفسهم لإدارة الصندوق، وتجدد الوجوه نفسها مع بعض التغييرات الطفيفة هنا وهناك … هذا دليل واضح يتجدد كل سنتين على وجود مشكلة حقيقية على صعيد “الشراكة الاجتماعية” … إلا البعض كان سعيداً وفي كامل اطمئنانه إن قيادة علي عبد الحسن (وكلنا نؤمن بإخلاصه) للصندوق سوف تستمر مع صحبته المخلصين، فلا ضمانة لمستقبل الصندوق إلا بيد القائد الرشيد الحكيم الصالح … والذي كانت سياساته دائماً حميدة، ولكن هل فعلاً هي الديمقراطية التي جعلت علي عبد الحسن قائداً رشيداً طيلة العقد السابق … أم إن غياب “الشراكة الاجتماعية” هي ما جعله كذلك ؟؟

 

المأتم الكبير … أرث الآباء يرثه الأبناء

المأتم الكبير يمثل بالنسبة لي لغزاً كبير … والأسئلة التي من الممكن أن توجه نحوه كبيرة أيضاً، وطوق الصمت والسكوت الذي حوله هو أيضاً كبير … فلا يعرف تحديداً الهيكلة الإدارية للمأتم، ولا يعرف طبيعة التعيين أو طريقة العزل، ولا يعرف حقيقةً دور وعلاقة وحدود كلٍ من الأهالي والإدارة … الواضح هو إن الحاج محمد آل عباس (وأنا أحترمه كما يحترمه الجميع بلا شك) هو الرئيس بالوراثة … لكن لا يعرف  من هو الأبن الذي سوف يخلفه وعلى أي أساس … واقعاً، إن المأتم الكبير هو أكبر تجلي لحقيقة إن قريتنا العزيزة تعيش خارج إطار “الشراكة الاجتماعية” … فحتى لو كان المأتم الكبير ورثاً عائلياً (وكل مآتم قريتنا عائلية)، فذلك لا يبرر أبداً الطريقة الغريبة في التحاور مع المجتمع وتجاهل حقه في المعرفة والانتقاد والتصحيح والنصح.

 

لجنة تعليم الصلاة … أغرب نظام انتخابي حر وديمقراطي وشفاف

ثقتنا وإيماننا بإخلاص الأخوة في لجنة تعليم الصلاة كبير بلا شك … ولكن الغرابة كبيرة أيضاً تجاه نظامهم الانتخابي الذي يفرز في كل مرة نفس الأشخاص من نفس الدائرة والتفكير والتوجه، وهذا ما لا ينطبق أبداً مع فكرة الانتخابات بأنها أداة للتداول السلمي للسلطة بين عدة أشخاص من عدة توجهات وذو أفكار مختلفة … والمشكلة واضحة هنا وضوح الشمس، وهي تتمثل في غياب “الشراكة الاجتماعية” وحضور قوي لفكرة “الأشخاص الصالحين” و”الرؤية الرشيدة”، ليصل الأمر إلى حتى عدم القدرة على بناء شراكة مع أهل التخصص وزملاء الدرب في مسجد الشيخ أحمد.

 

ملتقى المعامير … بداية صحيحة ونهاية مخزية

تكلمت سابقاً عن (بالمناسبة هذه الأيام تتجدد ذكرى الانتخابات الملغية)، فهو من ملتقى يجمع كل أطياف وطوائف المجتمع المعامير إلى ملتقى يسيطر عليه أفراد ليصبح ملكية خاصة وإن صاحب القرار النهائي في كل مداولة وقضية هو شخص واحد بيده كل الصلاحيات الادارية وليس أحد من الطاقم الإشرافي المعين … بينما تم إلغاء النظام الإدارة السابق القائم على إن القرار بيد 16 شخص مؤسس بداعي “الحكمة” و”الرشد” الذين لا يمكن أن يتم تحققيهما من خلال الانتخابات العامة وترك الناس تختار من تراه هي الأكثر حكمة والأكثر رشداً … وهنا لفتة مهمة، ففكرة “الشراكة الاجتماعية” هي أساس تشكيل وتأسيس الملتقى من خلال وجود 16 مؤسس، ومن خلال حتى مفردة الملتقى التي تم اختيارها خصيصاً لتعطي الانطباع بان هذا المنتدى هو لجميع أهالي القرية … ولكن هذه البداية الرائعة انتهت نهاية مخزية.

 

حوزتنا الدينية والمجتمع … من يجافي من؟

ليس أقل من تعبر الصدمة هو الانطباع العام إلى ما آل إليه واقع علاقة   مع أهالي القرية، فالجفاء واضح والعلاقة هشة وضعيفة على غير ما كان يتوقع لها أن تكون عندما تم تدشين الحوزة … هل الاختيار للمتولي الشرعي للحوزة كان سيئاً، أم إن المسألة مسألة ضعف في العلاقات العامة ومهارات التواصل … إم إن التهمة تقع على عاتق أهالي القرية كما يصدر أحيانا من الحوزة نفسها … في الخلاصة لا يمكن بأي حال من الاحوال اعتبار الحوزة هي محطة وقاعدة “للشراكة الاجتماعية”.

 

التيار الشيرازي … حالة صدام واستفزاز دائمة ومستمرة

لم تكن الاستجابة الاخير لدعوة السيد أمين الساكن (حفظه الله) للخروج بـ “موكب الصنقل” إلا إحدى المحطات التي كان واضحاً فيها مفردات الصدام بين التيار الشيرازي وباقي اهالي القرية (الموالين للسيد القائد وغيرهم أيضا ممن لا يريد الفتن)، وهذا واقع غريب لم يكن موجوداً مع أي حركة شبابية سابقة في القرية، وبغض النظر عن الاسباب فالمقام ليس مقام مناقشتها إلا إن النتيجة أيضاً تتجه بعيداً عن كون علاقة التيار الشيرازي في القرية هي علاقة “الشراكة الاجتماعية”  مثل ما هو عليه الواضع مع باقي اللجان الشبابية الأخرى في القرية والتي تتعاون مع بعضها البعض وتتعاون مع المؤسسات الأخرى في القرية.

 

التيار المدني … من القطيعة الاجتماعية إلى قنبلة اجتماعية موقوتة

أن تتحول العلاقة بين أهالي القرية والتيار المدني بسبب تعقيدات الوضع السياسي إلى قطيعة اجتماعية فذلك مفهوم ويمكن استيعابه، وبل إنه من الممكن استيعاب وفهم فشل المحاولات السابقة لفقت الرتق الاجتماعي والتي أتت من عدة أطراف وبعدة أشكال … إلا إن يتطور الموضوع إلى ما يحدث حالياً في القرية بطريقة تنبيئ بانفجار اجتماعي فهو غير مفهوم إلا من خلال إن المسح الكلي والقطعي لأي قيمة أسمها “الشراكة الاجتماعية”.

 

هذه هي قريتنا كما أقرأها … خاوية على عروشها … تفتقد إلى أساسات قوية تبني عليه “الشراكة الاجتماعية” … فلا انتخابات، ولا حوارات اجتماعية صادقة، ولا انفتاح الآراء الأخرى، ولا تعددية في المؤسسات الاجتماعية

هذا كله يجعلني أقول لجميع أهالي القرية: كل عام والمعامير عامرة بأهلها … أي أن تتحقق “الشراكة الاجتماعية” بشكلها الحقيقي الذي يحقق الزهور والسعادة لكل أهالي المعامير.

 

أخوكم مستقبلا سنة 2011

محمد النحوي

نشرت بواسطة محمد النحوي \\ tags: , , ,


3 تعليق على “تطلعات النحوي لما بعد2011: المعامير عامرة بأهلها “ تحقيق الشراكة الاجتماعية””

  1. 1. Ali Yaqoob (almarhoom) قال(ت ) :

    اللهم صلّ على محمدٍ و آل محمد

    نحن بحاجة ملحة لمراجعة واقعنا و معالجة ما فيه من أخطاء، و أتمنى أن يكون لي معك عزيزي أبو مهدي حديث مفصّـل حول هالأمر، لكن هالأيام امتحانات و عفسة فالوقت ضيّق، و كنت بأأجل ردي على هالتدوينة إلى عقب الامتحانات علشان بعض الأمور و سيكون إن شاء الله لي رد بعد الامتحانات، لكن حاليًا أرجو منك تعديل أو تحرير أو حذف التعليق اللي سبقني لقذفه و هجومه الخالي من روح التقوى أو مظهره على الأقل ..

    في حفظ الرحمن و رعايته
    أخوك علي

  2. 2. منهال قال(ت ) :

    السلام عليكم

    أنا حبيت أرد بس على الشخص الي يسمي روحه (( أنا ))

    عيب عليك تتهم هالرجل المؤمن وبدون أي دليل ..

    حاسب إلى كلامك الي تقوله والله عيب عليك

  3. 3. أبومحمد قال(ت ) :

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تطلعات النحوي لما بعد2011: المعامير عامرة بأهلها “ تحقيق الشراكة الاجتماعية”
    عنوان جميل لكن مغاير عما يتضمنه الموضوع فالمقال يغرد بوادي والعنوان بوادي آخر غير الذي تضمنه وهذا على حسب فهمي البسيط لمعنى الشراكة المجتمعية أو الإجتماعية هي أن تتعاون مع الآخر وفق أدني مستوى لنقاط التلاقي بحيث تجعلها بذرة لمستقبل أكثر أنفتاح بين الطرفين دون أن يخل بالثوابت عندهم .
    نأتي لما تضمنه الموضوع من عدم ترابط بين الطرح و العنوان فمثلا عندما نتحدث عن مشكلة الصندوق
    أولا : ضعف أقبال الناس للترشح في الإنتخابات هي مشكلة عدم وعي الناس لأهمية العمل التطوعي
    وعدم الرغبه في العمل التطوعي و أما قضية الشراكة الإجتماعية فيكفي أن نمر على أنشطة
    الصندوق التي لولا الشراكة الإجتماعية لما نجحت هذا إذا أردف المفهوم الحقيقي لمعنى الشراكة الإجتماعية.
    ثانيا : إذا كان هدف الشراكة الإجتماعية هو فتح باب من اجل تعزيز مصلحة المجتمع والقرية أو بشكل عام الوطن
    ويكون الكل يسير وفق هذه المصلحه من خلال مشاريع مشتركة تعزز التواصل والترابط بين أفراده.

Leave a Reply

*