Nov 16

كأنما أراد السيد كامل الهاشمي أن يخطوا خطواته بالعكس في مشروع البناء الحضاري … قبدل أن يرصد عوامل النهوض والبناء الحضاري شاء أن يرصد عوامل وضوابط السقوط والتي أطلق شاءت مفردة الهشاشة أن تعلن أن هذه العوامل والتي نقوم الآن وحالياً بالإستناد عليها لا تقوى على الصمود وإنها عاجلاً أو آجلاً سوف تهوي بنا إلى الهاوية والخسران … الأمر يشبه كثيراً ذلك الشخص الذي أراد الزواج واستعد لذلك بالبحث والدراسة عن أسباب الطلاق.

image

 

كنت أتمنى لو إن السيد قام في كتابه بتبويب وتقسيم الهشاشات حسب الجوانب السياسية والدينية والإقتصادية والإجتماعية، إلا إنها جائت مندمجة في بعضها البعض، ربما بسبب ترابط تلك الجوانب ببعضها البعض وصعوبة الفصل بينها كونها في المجمل (حسب تعبير السيد) “تشكل بمجموعها منظومة من المصفوفات المترابطة” والتي تؤدي في النهاية إلى حالة من “الفوضى” في قبال “النظام” أو كما “يختزل في التصور الديني في التقابل بين الله والشيطان”. (ص 199)

كنت أتمنى من السيد أيضا ولكي يؤتي الكتاب فائدته أن قام بوضع فهرسة لأهم المفردات التي تصدرت الكتاب مثل مفردة “عودة الأبله” على المستوى السياسي، ومفردة “الهيمنة النسوية”، ومفردة “النفاق” أو “فقدان الثقة” كما وردت في سياق الكتاب … أتمنى فعلاً أن لا يكون السيد غافلاً عن الأسلوب الجديد في إخراج الكتب وكيفية نظم الأفكار فيها بطريقة تساعد المتلقي بأكبر قدرٍ ممكن على فهم وإستيعاب الأفكار والرجوع إليها وقت الحاجة.

السيد في مقابلته في جريدة الوسط عن الكتاب قال بأنه لا تزال لديه الكثير من الأفكار بخصوص نفس موضوع الكتاب … إني أتمنى فعلاً على السيد أن يعيد النظر في طريقة إخراج وصياغة الكتاب … فموضوع الكتاب مهم فعلاَ ويستحق دائرة أكبر من الإعداد والإخراج.

أبرز ما حققه الكاتب في كتابه هذا هو إكتشافه للتشابك الكبير بين النصوص الدينية وبين النصوص الحديثة للمفكر الفرنسي “جاك أتالي” ليلقي حجراً كبيراً في المياة الراكدة المستغرقة في ذاتها والتي ترفض النظر بعيداً حيث الآخر.

كنت قد حاولت في أثناء قراءة الكتاب وأنا أضع “الفلاش” على النقاط المهمة فيه أن أجد المخارج المقترحة من النصوص أو من المؤلف إلا إنها غير موجودة لأنها غير مستهدفة أساساً إلا بشكلٍ غير مقصود يفرضه سياق النص المنقول .. إلا إن السيد كامل في نهاية الكتاب يضع عنوان المهدوية كعلاجاً مرسلاً من خلال النص الديني و”السلطة العالمية” عنواناً آخر مرادفاً ومعاصراً على لسان المفكر جاك أتالي والتي زخر الكتاب بنصوصه.

 

الكتاب مهم جداً لكل من يعيش في أفق البناء الحضاري بكل جوانبه، فهو يرصد كل مفردات التخلف والسقوط والتي تؤدي الغفلة والجهل بها بلا شك إلى الفشل والسقوط … لأن وجودها الهش لا يمثل بأي حالٍ من الأحوال ركيزةً للبناء الحضاري.

 

أخوكم

محمد النحوي

نشرت بواسطة محمد النحوي \\ tags:


Leave a Reply

*