Dec 30

إن المشاكل والإشكالات التي تأتي بسبب فئة “الفقراء ذاتيا” كثيرة جداً، بل إني قد أصل بالقول وحسب فهمي للنصوص بأنهم سبب رئيسي في التخلف البشري (إن صح التعبير) … وأنا هنا أحاول التطرق إلى أحد الجوانب التدميرية في هذه الفئة من الناس.

وفي البداية من المفيد التعريف بفئة “الفقراء ذاتياً”، فالفقير ذاتيا معناه أن يكون الشخص خاوياً وفارغاً من كل أو أغلب العناصر التي تتكون منها ذاته أو شخصيته فهو:

  • ليس له فهم وإدراك لدوره في الحياة ولهدفه الذي يجب أن يحققه
  • وليست لديه مهنة يمتهنها بحب وبشغف حقيقي نابع من مواهبه ويمارس فيها إبداعاته
  • ويعتمد بشكل كلي أو شبه كلي على الآخرين في تسيير شؤون حياته
  • ويكون قاموس كلماته مليئا بمفردات الطلبات والرغبات التي لا تنتهي
  • ولا معنى للوقت وسيريان الزمن في حياته … فليس مهماً أن تم أمرٌ ما اليوم أو بعد أسبوع
  • وبشكل إجمالي: … هو شخص يكاد يكون نفعه في الحياة شبه منعدم (بالكاد تجده مفيداً في شيءٍ ما).

 

إن أحد الأشياء التي تميز هؤلاء فئة “الفقراء ذاتيا” هو أنهم وبقدر ما هم فقراء ذاتيا فإنهم مسرفون ماديا (على أقل تقدير أتكلم عن المجموعة التي لاحظتها) … وطبيعة الإسراف لدى هؤلاء تنبع عن فكرة وفلسفة غريبة موجودة لديهم بشكل لا واعي بالنسبة لهم.

فهؤلاء الفقراء ذاتيا يشاركوننا نفس حالة الإنتظار بترقب شديد لوصول الراتب الشهري، إلا إن الفكرة من وراء انتظارهم وترقبهم تختلف كثيرا عن انتظارنا نحن، فنحن ننتظر وصول الراتب لكي نلبي احتياجات ومتطلبات الحياة (إيجار، بقالة، كهرباء، تلفون … الخ)، إلا إنهم ينتظرونه ليجددوا في داخلهم الشعور بأنهم أحياء مجدداً بعد أن كانوا أموات … نعم أموات، فهم عندما يكونون بلا سيولة مالية يشعرون كأنهم أموات، ولو كان الإنتحار مباحاً لأنتحروا.

المال بالنسبة لهم هو الوسيلة التي تحقق لهم الحصول والوصول إلى السعادة والتي تكون تحديداً عبر عملية الشراء … شراء الأشياء .. والكثير من الأشياء .. والتي يتبعها أيضاً الكثير من الأشياء إلى أن يصل بهم إلى الإفلاس.

إن عملية شراء الأشياء بالنسبة لهم هي المتنفس الذي يشعرون من خلاله بالرضا وبالإنجاز وبالسلام … وبأن الأمور تسير كما يرام … فهم مثلاً:

عندما يحدث شجار عائلي ليس هناك أفضل من الخروج وشراء آيس كريم من باسكن روبن … وعندما يطول النهار بلا عمل ويزيد الملل فليس هناك أفضل من جولة شرائية مسائية ليرجع إلى منزله وفي يده شيءُ جديد لن يستخدمه إلا في تلك الليلة فقط … وعندما تكون هناك تحديات وظيفية فليس هناك أفضل من شراء بعض الثياب الجديدة والظهور بمظهر جديد في العمل … وقد يصل الأمر إلى حيث المناسبات السعيدة كعيد الميلاد فتراهم ومن أجل زيادة الشعور بالسعادة يقدمون على شراء كميات أكبر من المشتريات والحاجيات … إنها حالة مستمرة من الإنفاق المتواصل على كل شيء لا لشيء إلا للتعويض ولو عن شيءٍ بسيط من الشعور بالخواء الداخلي (الفقر الذاتي).

إنهم وبلا وعي … يكونون أكثر إسرافاً من الناحية المالية كلما كانوا أكثر فقراً في داخلم … إلا إنهم وفي النهاية وبصورة معينة لا زالوا يشعرون بنوعٍ ما من السعادة … وإن كانت هذه الشعور بالسعادة شعوراً كاذاً لا يستند إلا على الأشياء التي قام بشرائها.

 

أخوكم يستعيذ بالله من الفقراء ذاتيا

محمد النحوي

نشرت بواسطة محمد النحوي


تعليق واحد على “الفقراء ذاتياً … هم الأكثر إسرافاً ماديا”

  1. 1. العباسي قال(ت ) :

    فيهم ميزة خاطري احصلها ..
    دووووم بدوون هموووووم

    لا تفكير بمستقبل ولاهمك الله ..
    فكرهم للآن .. شلون يعيش مو شلون يكون أسرة

Leave a Reply